هذه قصة رائعة لأحد التائبين وبها دروس مستفادة جمة قد قرأتها فى كتاب فى بطن الحوت للدكتور محمد العريفى
وأحببت نقلها لحضراتكم .
لم أكن تجاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أول أبنائي ، ما زلت أذكر تلك الليلة ، كنت سهرانا مع شلة في أحد الشاليهات ، كانت سهرة حمراء بمعنى الكلمة ، أذكر ليلتها أني أضحكتهم كثيرا .. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد ، كانت بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه ، أجل كنت أسخر من هذا وذاك ، لم يسلم أحد مني حتى شلتي . صار بعض الرجال يتجنبني كي يسلم من لساني وتعليقاتي اللاذعة..
تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسول في السوق ، والأدهى أني وضعت قدمي أمامه ليتعثر , تعثر وانطلقت ضحكتي التي دوت في السوق .. عدت إلى بيتي متأخرا ،وجدت زوجتي في انتظاري .. كانت في حالة يرثى لها !!
أين كنت يا راشد ؟!
في المريخ ( أجبتها ساخرا) عند أصحابي بالطبع .. كانت في حالة يرثى لها ، قالت والعبرة تخنقها :
راشد .. أنا متعبة جدا .. الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا..
سقطت دمعة صامته على جبينها ، أحسست أني أهملت زوجتي، كان من المفروض أن أهتم بها وأقلل من سهراتي خاصة أنها في شهرها التاسع .. قاست زوجتي الآلام يوم وليلة في المستشفى ، حتى رأى طفلي النور..
لم أكن في المستشفى ساعتها ، تركت رقم هاتف المنزل وخرجت ، اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم ابني سالم ..
حين وصلت المستشفى طلب منى أن أراجع الطبيبة .. أي طبيبة؟! المهم الآن أريد أن أرى ابني سالم .. لابد من مراجعة الطبيبة .. أجابتني موظفة الاستقبال بحزم !!
صدمت حين عرفت أن ابني أعمى !!! .. تذكرت المتسول.. سبحان الله .. كما تدين تدان !!!
لم تحزن زوجتي كانت مؤمنة بقضاء الله راضية .. طالما نصحتني .. طالما طلبت مني أن أكف عن تقليد الآخرين ..
كلا هي لا تسميه تقليدا بل غيبة .. ومعها كل الحق !!
لم أكن أهتم بسالم كثيرا .. اعتبرته غير موجود في المنزل , حين يشتد بكاءه أهرب إلى الصالة لأنام فيها ..
كانت زوجتي تهتم به كثيرا ، وتحبه ,, لحظة ,, لا تظنوا أني أكرهه ، أنا لا أكرهه لكن لم أستطع أن أحبه !!
أقامت زوجتي احتفالا حين خطا خطواته الأولى ، وحين أكمل الثانية اكتشفنا أنه أعرج !!!!!!!!!
كلما زدت ابتعادا عنه زادت زوجتي حبا واهتماما بسالم حتى بعد أم أنجبت عمر وخالد .. مرت السنوات كنت لاهٍ وغافل ، غرتني الدنيا وما فيها .
كنت كاللعبة في يد رفقاء السوء مع أنب كنت أظن أني من يلعب عليهم .. لم تيأس زوجتي من إصلاحي ، كانت تدعو لي دائما بالهداية ، لم تغضب من تصرفاتي الطائشة ، وإهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته .
كبر سالم ولم أمانع حين طلبت مني زوجتي تسجيله في أحد المدارس الخاصة بالمعاقين .. لم أكن أحس بمرور السنوات ..
أيامي سواء .. عمل نوم وطعام وسهر !! حتى ذلك اليوم .. كان يوم الجمعة ، استيقظت الساعة الحادية عشر ظهرا ، ما يزال الوقت باكر لكن لا يهم ، أخذت دشا سريعا ، لبست وتعطرت وهممت الخروج .. استوقفني منظره .. كان يبكي بحرقة ..! إنها المرة الأولى التي أرى فيها سالم يبكي مذ كان طفلا .. أأخرج ؟!
لا .. كيف أخرج وأتركه وهو في هذه الحال ؟! أهو الفضول أم الشفقة ؟! لا يهم .. سألته .. سالم لماذا تبكي ؟!
حين سمع صوتي توقف ، بدأ يتحسس ما حوله .. ما به يا ترى ؟! واكتشفت أن ابني يهرب مني !!!
الآن أحسست به أين كنت منذ عشر سنوات ؟! تبعته ..كان قد دخل غرفته.. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه ، وتحت إصراري عرفت السبب تأخر عليه شقيقه عمر الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد ، كان اليوم الجمعة خاف ألا يجد مكانا في الصف الأول ، نادى والدته لكن لا مجيب، حينها .. حينها .. وضعت يدي على فمه كأمي أطلب منه أن يكف عن حديثه، أكملت:
أعلم ما الذي دفعني لأقول له: سالم لا تحزن .. هل تعلم من سيرافقك اليوم إلى المسجد؟!
أجاب: أكيد عمر.. ليتني أعلم إلى أين ذهب ؟! قلت له: لا يا سالم أنا من سيرافقك!!!!!!!
استغرب سالم ، لم يصدق ، ظن أني أسخر منه ، عاد إلى بكائه ، مسحت دموعه بيدي ، وأمسكت بيده , أردت أن أوصله بالسيارة ..رفض قائلا: أبي المسجد قريب ، أريد أن أخطو إلى المسجد..
لا أذكر متى آخر مرة دخلت فيها المسجد ولا أذكر آخر سجدة سجدتها .. هي المرة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والندم على ما فرطته طوال السنوات الماضية..
مع أن المسجد كان مليئا بالمصلين إلا أني وجدت لسالم مكانا في الصف الأول .. استمعنا لخطبة الجمعة معا .. وصليت بجانبه .. بعد انتهاء الصلاة .. طلب مني سالم مصحفا .. استغربت كيف سيقرأ وهو أعمى ؟!!! هذا ما تردد في نفسي ، لم أصرح به خوفا من جرح مشاعره .. طلب مني أن أفتح له المصحف على سورة الكهف ، نفذت ما طلب ، وضع المصحف أمامه وبدأ في قراءة السورة ، يالله !!! إنه يحفظ سورة الكهف كاملة وعن ظهر غيب !!! خجلت من نفسي ، أمسكت مصحفا ، وأ؛سست برعشة في أوصالي ، قرأت وقرأت ، قرأت ودعوت الله أن يغفر لي ويهديني.. هذه المرة أنا من بكى حزنا وندما على ما فرطت ، ولم أشعر إلا بيد تمسح عني دموعي ، لقد كان سالم !
عدنا إلى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم ، لكن قلقها تحول إلى دمع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم !! من ذلك اليوم لم تفتني صلاة الجمعة في المسجد ، هجرت رفقاء السوء وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد .. ذقت طعم الإيمان معهم ، عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا .. لم أفوّت حلقة ذكر أو قيام .. ختمت القرآن عدة مرات في شهر وأنا نفس الشخص الذي هجرته سنوات !!! رطبت لساني بذكر الله لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس,, أحسست أني أكثر قربا من أسرتي ، أختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي ، الإبتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم ، من ياه يظنه ملك الدنيا وما فيها .. حمدت الله كثيرا وصليت له كثيرا على نعمه..
ذات يوم قرر أصحابي أن يتوجهوا إلى أحد المناطق البعيدة للدعوة ، ترددت في الذهاب في الذهاب، استخرت الله واستشرت زوجتي، توقعت أن ترفض لكن حدث العكس !! فرحت كثيرا بل شجعتني .. حين أخبرت سالم عن عزمي على الذهاب ، أحاط بجسمي بذراعيه الصغيرتين فرحا ووالله لو كان طويل القامة مثلي لما توانى عن تقبيل رأسي .. بعدها توكلت على الله وقدمت طلب إجازة مفتوحة بدون راتب من عملي ، والحمد لله جاءت الموافقة بسرعة ، أسرع مما تصورت .. تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف ، كنت تلك الفترة أتصل كلما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدث أبنائي .. اشتقت لهم كثيرا .. كم اشتقت لسالم !! تمنيت سماع صوته ، هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت ..
إما أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم .. كلما أحدث زوجتي أطلب منها أن تبلغه سلامي وتقبله .. كانت تضحك حين تسمعني أقول هذا لكلام إلا آخر مرة هاتفتها فيها .. لم أسمع ضحكتها المتوقعة ..
تغير صوتها .. قالت لي : إن شاء الله .. أخيرا عدت إلى المنزل، طرقت الباب .. تمنيت أن يفتح لي سالم الباب لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره .. حملته بين ذراعي وهو يصيح . بابا يا بابا يا ... انقبض صدري حين دخلت البيت .. استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. سعدت زوجتي بقدومي لكن هناك شيء تغير فيها ، تأملتها جيدا ، إنها نظرات الحزن التي ما كانت تفارقها سألتها ما بك ؟! لاشيء .. لا شيء.. هكذا أجابت ..
فجأة تذكرت من نسيته للحظات .. قلت لها : أين سالم ؟! خفضت رأسها لم تجب .
لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد يرن الذي ما يزال يرن في أذني حتى هذه اللحظة .. بابا ثالم لاح الجنه عند الله !!! لم تتمالك زوجتي الموقف أجهشت بالبكاء وخرجت من الغرفة ..
عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى حين فارقت روحه جسده .. أحسست أن ما حدث ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى.. أجل إنه اختبار وأي اختبار ؟! صبرت على مصابي وحمدت الله الذي لا يحمد على مكروه سواه .. ما زالت أحس بيده تمسح دموعي ، وذراعه تحيطني كم حزنت على سالم الأعمى الأعرج !!! لم يكن أعمى أنا من كنت أعمى حين انسلقت وراء رفقة السوء ، ولم يكن أعرج ، لأنه استطاع أن يسلك طريق الإيمان رغم كل شيء
سالم الذي امتنعت يوما عن حبه !!! اكتشفت أني أحبه أكثر من اخوته!!!
بكيت كثيرا ... كثيرا .. ومازلت حزينا .. كيف لا أحرن وقد كانت هدايتي على يديه؟؟!!!!
متأكد لو أنكم عرفتم سالم ستحبونه أكثر مما نحبه............
وأحببت نقلها لحضراتكم .
لم أكن تجاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أول أبنائي ، ما زلت أذكر تلك الليلة ، كنت سهرانا مع شلة في أحد الشاليهات ، كانت سهرة حمراء بمعنى الكلمة ، أذكر ليلتها أني أضحكتهم كثيرا .. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد ، كانت بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه ، أجل كنت أسخر من هذا وذاك ، لم يسلم أحد مني حتى شلتي . صار بعض الرجال يتجنبني كي يسلم من لساني وتعليقاتي اللاذعة..
تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسول في السوق ، والأدهى أني وضعت قدمي أمامه ليتعثر , تعثر وانطلقت ضحكتي التي دوت في السوق .. عدت إلى بيتي متأخرا ،وجدت زوجتي في انتظاري .. كانت في حالة يرثى لها !!
أين كنت يا راشد ؟!
في المريخ ( أجبتها ساخرا) عند أصحابي بالطبع .. كانت في حالة يرثى لها ، قالت والعبرة تخنقها :
راشد .. أنا متعبة جدا .. الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا..
سقطت دمعة صامته على جبينها ، أحسست أني أهملت زوجتي، كان من المفروض أن أهتم بها وأقلل من سهراتي خاصة أنها في شهرها التاسع .. قاست زوجتي الآلام يوم وليلة في المستشفى ، حتى رأى طفلي النور..
لم أكن في المستشفى ساعتها ، تركت رقم هاتف المنزل وخرجت ، اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم ابني سالم ..
حين وصلت المستشفى طلب منى أن أراجع الطبيبة .. أي طبيبة؟! المهم الآن أريد أن أرى ابني سالم .. لابد من مراجعة الطبيبة .. أجابتني موظفة الاستقبال بحزم !!
صدمت حين عرفت أن ابني أعمى !!! .. تذكرت المتسول.. سبحان الله .. كما تدين تدان !!!
لم تحزن زوجتي كانت مؤمنة بقضاء الله راضية .. طالما نصحتني .. طالما طلبت مني أن أكف عن تقليد الآخرين ..
كلا هي لا تسميه تقليدا بل غيبة .. ومعها كل الحق !!
لم أكن أهتم بسالم كثيرا .. اعتبرته غير موجود في المنزل , حين يشتد بكاءه أهرب إلى الصالة لأنام فيها ..
كانت زوجتي تهتم به كثيرا ، وتحبه ,, لحظة ,, لا تظنوا أني أكرهه ، أنا لا أكرهه لكن لم أستطع أن أحبه !!
أقامت زوجتي احتفالا حين خطا خطواته الأولى ، وحين أكمل الثانية اكتشفنا أنه أعرج !!!!!!!!!
كلما زدت ابتعادا عنه زادت زوجتي حبا واهتماما بسالم حتى بعد أم أنجبت عمر وخالد .. مرت السنوات كنت لاهٍ وغافل ، غرتني الدنيا وما فيها .
كنت كاللعبة في يد رفقاء السوء مع أنب كنت أظن أني من يلعب عليهم .. لم تيأس زوجتي من إصلاحي ، كانت تدعو لي دائما بالهداية ، لم تغضب من تصرفاتي الطائشة ، وإهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته .
كبر سالم ولم أمانع حين طلبت مني زوجتي تسجيله في أحد المدارس الخاصة بالمعاقين .. لم أكن أحس بمرور السنوات ..
أيامي سواء .. عمل نوم وطعام وسهر !! حتى ذلك اليوم .. كان يوم الجمعة ، استيقظت الساعة الحادية عشر ظهرا ، ما يزال الوقت باكر لكن لا يهم ، أخذت دشا سريعا ، لبست وتعطرت وهممت الخروج .. استوقفني منظره .. كان يبكي بحرقة ..! إنها المرة الأولى التي أرى فيها سالم يبكي مذ كان طفلا .. أأخرج ؟!
لا .. كيف أخرج وأتركه وهو في هذه الحال ؟! أهو الفضول أم الشفقة ؟! لا يهم .. سألته .. سالم لماذا تبكي ؟!
حين سمع صوتي توقف ، بدأ يتحسس ما حوله .. ما به يا ترى ؟! واكتشفت أن ابني يهرب مني !!!
الآن أحسست به أين كنت منذ عشر سنوات ؟! تبعته ..كان قد دخل غرفته.. رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه ، وتحت إصراري عرفت السبب تأخر عليه شقيقه عمر الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد ، كان اليوم الجمعة خاف ألا يجد مكانا في الصف الأول ، نادى والدته لكن لا مجيب، حينها .. حينها .. وضعت يدي على فمه كأمي أطلب منه أن يكف عن حديثه، أكملت:
أعلم ما الذي دفعني لأقول له: سالم لا تحزن .. هل تعلم من سيرافقك اليوم إلى المسجد؟!
أجاب: أكيد عمر.. ليتني أعلم إلى أين ذهب ؟! قلت له: لا يا سالم أنا من سيرافقك!!!!!!!
استغرب سالم ، لم يصدق ، ظن أني أسخر منه ، عاد إلى بكائه ، مسحت دموعه بيدي ، وأمسكت بيده , أردت أن أوصله بالسيارة ..رفض قائلا: أبي المسجد قريب ، أريد أن أخطو إلى المسجد..
لا أذكر متى آخر مرة دخلت فيها المسجد ولا أذكر آخر سجدة سجدتها .. هي المرة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والندم على ما فرطته طوال السنوات الماضية..
مع أن المسجد كان مليئا بالمصلين إلا أني وجدت لسالم مكانا في الصف الأول .. استمعنا لخطبة الجمعة معا .. وصليت بجانبه .. بعد انتهاء الصلاة .. طلب مني سالم مصحفا .. استغربت كيف سيقرأ وهو أعمى ؟!!! هذا ما تردد في نفسي ، لم أصرح به خوفا من جرح مشاعره .. طلب مني أن أفتح له المصحف على سورة الكهف ، نفذت ما طلب ، وضع المصحف أمامه وبدأ في قراءة السورة ، يالله !!! إنه يحفظ سورة الكهف كاملة وعن ظهر غيب !!! خجلت من نفسي ، أمسكت مصحفا ، وأ؛سست برعشة في أوصالي ، قرأت وقرأت ، قرأت ودعوت الله أن يغفر لي ويهديني.. هذه المرة أنا من بكى حزنا وندما على ما فرطت ، ولم أشعر إلا بيد تمسح عني دموعي ، لقد كان سالم !
عدنا إلى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيرا على سالم ، لكن قلقها تحول إلى دمع حين علمت أني صليت الجمعة مع سالم !! من ذلك اليوم لم تفتني صلاة الجمعة في المسجد ، هجرت رفقاء السوء وأصبحت لي رفقة خيرة عرفتها في المسجد .. ذقت طعم الإيمان معهم ، عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا .. لم أفوّت حلقة ذكر أو قيام .. ختمت القرآن عدة مرات في شهر وأنا نفس الشخص الذي هجرته سنوات !!! رطبت لساني بذكر الله لعل الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من الناس,, أحسست أني أكثر قربا من أسرتي ، أختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي ، الإبتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم ، من ياه يظنه ملك الدنيا وما فيها .. حمدت الله كثيرا وصليت له كثيرا على نعمه..
ذات يوم قرر أصحابي أن يتوجهوا إلى أحد المناطق البعيدة للدعوة ، ترددت في الذهاب في الذهاب، استخرت الله واستشرت زوجتي، توقعت أن ترفض لكن حدث العكس !! فرحت كثيرا بل شجعتني .. حين أخبرت سالم عن عزمي على الذهاب ، أحاط بجسمي بذراعيه الصغيرتين فرحا ووالله لو كان طويل القامة مثلي لما توانى عن تقبيل رأسي .. بعدها توكلت على الله وقدمت طلب إجازة مفتوحة بدون راتب من عملي ، والحمد لله جاءت الموافقة بسرعة ، أسرع مما تصورت .. تغيبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف ، كنت تلك الفترة أتصل كلما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدث أبنائي .. اشتقت لهم كثيرا .. كم اشتقت لسالم !! تمنيت سماع صوته ، هو الوحيد الذي لم يحدثني منذ سافرت ..
إما أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم .. كلما أحدث زوجتي أطلب منها أن تبلغه سلامي وتقبله .. كانت تضحك حين تسمعني أقول هذا لكلام إلا آخر مرة هاتفتها فيها .. لم أسمع ضحكتها المتوقعة ..
تغير صوتها .. قالت لي : إن شاء الله .. أخيرا عدت إلى المنزل، طرقت الباب .. تمنيت أن يفتح لي سالم الباب لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره .. حملته بين ذراعي وهو يصيح . بابا يا بابا يا ... انقبض صدري حين دخلت البيت .. استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. سعدت زوجتي بقدومي لكن هناك شيء تغير فيها ، تأملتها جيدا ، إنها نظرات الحزن التي ما كانت تفارقها سألتها ما بك ؟! لاشيء .. لا شيء.. هكذا أجابت ..
فجأة تذكرت من نسيته للحظات .. قلت لها : أين سالم ؟! خفضت رأسها لم تجب .
لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد يرن الذي ما يزال يرن في أذني حتى هذه اللحظة .. بابا ثالم لاح الجنه عند الله !!! لم تتمالك زوجتي الموقف أجهشت بالبكاء وخرجت من الغرفة ..
عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى حين فارقت روحه جسده .. أحسست أن ما حدث ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى.. أجل إنه اختبار وأي اختبار ؟! صبرت على مصابي وحمدت الله الذي لا يحمد على مكروه سواه .. ما زالت أحس بيده تمسح دموعي ، وذراعه تحيطني كم حزنت على سالم الأعمى الأعرج !!! لم يكن أعمى أنا من كنت أعمى حين انسلقت وراء رفقة السوء ، ولم يكن أعرج ، لأنه استطاع أن يسلك طريق الإيمان رغم كل شيء
سالم الذي امتنعت يوما عن حبه !!! اكتشفت أني أحبه أكثر من اخوته!!!
بكيت كثيرا ... كثيرا .. ومازلت حزينا .. كيف لا أحرن وقد كانت هدايتي على يديه؟؟!!!!
متأكد لو أنكم عرفتم سالم ستحبونه أكثر مما نحبه............
الإثنين ديسمبر 10, 2018 11:58 am من طرف احمد خليل الجميل
» شرح كامل لمنهج اللغة العربية
الأربعاء أكتوبر 03, 2018 3:44 pm من طرف احمد خليل الجميل
» كيفية إحياء ليلة النصف من شعبان
السبت مايو 21, 2016 4:17 am من طرف ارتواء نبض
» اليوم العالمي للمرأة
الأربعاء مارس 09, 2016 1:03 am من طرف ارتواء نبض
» همسة إيمانية لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
الأحد ديسمبر 13, 2015 12:59 pm من طرف ارتواء نبض
» ما حكم ضرب الأطفال
الأحد نوفمبر 22, 2015 5:05 pm من طرف ارتواء نبض
» درس نموذجى
الأربعاء أكتوبر 21, 2015 2:18 pm من طرف سهير عايد رزق
» ورشة عمل كيمياء
الأربعاء أكتوبر 21, 2015 2:14 pm من طرف سهير عايد رزق
» اجتماع موجهىعموم التربية الزراعية
الأربعاء أكتوبر 21, 2015 2:07 pm من طرف سهير عايد رزق