مما لاشك فيه أن الإنسان يتأثر بمن حوله من أشخاص وأحداث وأشياء .. والإنسان المتوازن يتأثر ويؤثر .. وهذا يعني أن التقليد يمكن أن يكون طبيعياً ، حيث يتأثر الإنسان بالأشخاص من حوله، بأفكارهم وسلوكهم وتصرفاتهم وثيابهم وغير ذلك . وهذا يساهم في قبوله في الجماعة التي ينتمي إليها ويعزز مكانته فيها ، ويعتبر ذلك نوعاً من التكيف الاجتماعي الناجح .
والطفل أكثر تأثراً من البالغ الراشد وهو يقلد أكثر لأن معلوماته وخبراته قليلة ، وعندما يكبر فهو يصبح أقل تأثراً وتقليداً وأكثر تأثيراً واستقلالية . والتقليد بالمعنى المرضي يعني التأثر الشديد بالآخرين ، والبحث عن تقليدهم في الملبس والشكل والهيئة وطريقة الكلام ، وفي المسكن والمشتريات وغير ذلك دون أن يكون في ذلك مصلحة حقيقية أو نفع أو ملاءمة لشخصية الإنسان وظروفه الخاصة.
ومثل ذلك تقليد شخصية مشهورة أو مذيعة ..حيث تبذل الفتاة جهوداً كبيرة في التقليد من حيث المظاهر لتصبح شبيهة " بالبطلة " ، ودون الوصول إلى المضمون الإيجابي والمفيد لتلك الشخصية.. وكثيرممن يسعى وراء الموضات والمظاهر والتقليد وهم يظنون أنهم أصبحوا أحسن حالاً وأنهم امتلكوا النجاح والمنزلة والشهرة .. ولكنهم في الحقيقة يتعلقون بقشور وأوهام ويضيع منهم الجوهر والمضمون ، مما يجعل معاناتهم مستمرة .. وهم لايقنعون ولايشعرون بالرضى الحقيقي عن أنفسهم وظروفهم . ولابد من الاختيار الناجح للنجوم والأبطال وللقدوة الحسنة ..
وعادة يقلد الأضعف الأقوى ويتأثر به كما يقلد الصغير الكبير ، لأنه يشعر بالنقص والضعف ويتمنى أن يتخلص من ضعفه ونقصه من خلال التشبه والتقليد.. ويحقق ذلك درجة من الرضا والاطمئنان المؤقت ..
وفي الجانب الآخر يمكن أن يكون التقليد دافعاً للجد والتحصيل واكتساب المهارة والقدرات .. وفي ذلك دفع إيجابي وطبيعي ومطلوب .. والإنسان يسعى للأفضل والأحسن دائماً .. ولابد من التفريق بين تقليد النماذج الجامدة الشكلية الفارغة ، وبين الوصول إلى المضمون الأقوى والأنجح من خلال الجد والتحصيل والعمل .
ويلعب الحسد والتنافس دوراً مهماً في التقليد حيث يقلد البعض أعمال الآخرين الناجحة ولكن بشكل مزيف ..لأنه لايمتلك جوهر النجاح من حيث الموهبة والدأب والمثابرة والإمكانيات ..
والمقلد عموماً شخصية تشكو من النقص وعدم الثقة بذاتها .. ولايمكنها أن تحقق ذاتها ولا ترضى عنها من خلال أعمالها العادية وسلوكها واستقلاليتها وإنتاجيتها.. وهي قلقة وغير مستقرة وتبحث عن ذاتها من خلال الآخرين فقط .. ولايمكنها أن تنظر في أعماقها لتكتشف مواقع القوة والضعف بل تهرب إلى التفكير السطحي والكسب السريع والمدح من الآخرين .. كما أنها أقل نضجاً وتماسكاً وفعالية .. وهي تتأثر بسرعة وتتقلب وتفتقد إلى القوة الحقيقة والعمق والنجاح ..
وأخيراً .. لابد للإنسان من أن يبحث عن ذاته وأن يفهمها ويطورها وينميها بما يناسبها من خلال الجد والكفاح والطموح والتحصيل في كافة المجالات المفيدة والبناءة بعيداً عن التقليد السطحي وعن المظاهر الخادعة التي لاتسمن ولاتغني من جوع
عدل سابقا من قبل الأستاذ / على الدين يحيى في الخميس فبراير 04, 2010 9:58 pm عدل 4 مرات (السبب : ارفاق صورة)
الإثنين ديسمبر 10, 2018 11:58 am من طرف احمد خليل الجميل
» شرح كامل لمنهج اللغة العربية
الأربعاء أكتوبر 03, 2018 3:44 pm من طرف احمد خليل الجميل
» كيفية إحياء ليلة النصف من شعبان
السبت مايو 21, 2016 4:17 am من طرف ارتواء نبض
» اليوم العالمي للمرأة
الأربعاء مارس 09, 2016 1:03 am من طرف ارتواء نبض
» همسة إيمانية لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
الأحد ديسمبر 13, 2015 12:59 pm من طرف ارتواء نبض
» ما حكم ضرب الأطفال
الأحد نوفمبر 22, 2015 5:05 pm من طرف ارتواء نبض
» درس نموذجى
الأربعاء أكتوبر 21, 2015 2:18 pm من طرف سهير عايد رزق
» ورشة عمل كيمياء
الأربعاء أكتوبر 21, 2015 2:14 pm من طرف سهير عايد رزق
» اجتماع موجهىعموم التربية الزراعية
الأربعاء أكتوبر 21, 2015 2:07 pm من طرف سهير عايد رزق